ولاية رضوان باشا:كنيته ابو نعيم رضوان بن عبد الله وهو من مماليك رمضان باشا، تقلد منصبه هذا بالجزائر في شهر صفر سنة 1016 هـ ـ ماي 1607م.
وأشهر الأحداث في أيامه غزوة الطوسكان وحملتهم على مدينة بونة انتقاما لما قام به الأتراك من قبل في ليفورنيا ومستغلين مع ذلك توتر العلاقات بين فرنسا والجزائر، فنزل هؤلاء الطوسكان بميناء عنابة فنهبوها وسلبوا أرزاقها واحتلوا المدينة أيضا فغنموا ما بها من مغانم كثيرة وأسروا منها 1500 شخص ثم أدبروا عنها وفي هذه الوقعة كان استشهاد والي قسنطينة محمد بن فرحات الذي جاءهم منجدا.
كما أنه حدث في أيام هذا الباشا وحشة بين الحكومة الجزائرية وفرنسا بسبب مدفعين من الفولاذ كانا تحت تصرف القرصان المفلمنكي البلجيكي المدعو سيمون دانزير كان يعمل بها لفائدة الجزائر ففر بهما يوما إلى فرنسا وقدمهما هدية لأحد كبار ولاّة فرنسا وهو الدوك دوكسيز فغضب ديوان الجزائر لذلك ورفع قضيته إلى حكام فرنسا مطالبا باسترجاع المدفعين المذكورين ومعاقبة القرصان البلجيكي المذكور فأهملت القضية ورفض النصارى الإصغاء إلى هذه الدعوى ويومئذ (1018هـ / 1609م) أعلنت حكومة الجزائر قطع العلائق بينها وبين فرنسا وألغت معاهدة احترام مراكبها في البحار وشرعت حينئذ في شن غاراتها ضد السواحل الفرنسية فظفرت منها بغنائم أربت على نحو مليون ليرة.
وثأرت فرنسا من الجزائر بتنظيم غزاة شنتها على ميناء مدينة برشك -بين شرشال وتنس- فحطمتها ثم ذهبت شرقا إلى شواطىء جيجل وهنالك قذفتهم المدافع الجزائرية بقنابلها فانسحبت الحملة الفرنسية إلى ليفورينا.
ولاية قوصة مصطفى "ثانيا"عاد هذا الباشا إلى منصبه للمرة الثانية بظهير من الدولة العالية مؤرخ في جمادي الثانية سنة 1019هـ ـ أوط 1610م، وفي أيامه هذه اشتهرت البحرية الجزائرية بشدة الشكيمة وقوة البأس فجاء يومئذ الانكليز ومعهم الهولنديون والاسبان فغزا الجميع تونس ثم عرجوا على السواحل الجزائرية فدمروا منها نواحي جيجل وخربوها ، وفي صيف هذه السنة هجم الطوسكانيون على قرية تبعد بتسعين ميلا غربي الجزائر واختطفوا منها 500 شخص.
وبعد سنة من ولاية هذا الباشا ظهر الوباء بالجزائر ففتك بعدد وافر من الأنفس، وفيها كان تأسيس المسجد الجامع القليعة الساحلية (1020هـ / 1611م) ثم أننا لا نعلم بعد هذا من مهام حوادث عصر هذا الباشا سوى وقوفه في وجه ثوار زواوة فأخضعهم ونشره الأمن في البلاد، أو ما كان من حملة الاسبان على مدينة جيجل بقيادة داسنتا كروز وابقاء النيران فيها وأخيرا تخلى عن منصبه لابن أخيه مصطفى باشا فتولى مكانه يوم 26 جمادي الثانية عام 1020هـ / 6 سبتمبر 1611م.
ولاية حسين الشيخ باشا:كانت ولايته سنة 1022 هـ ـ 1613م وعلى عهده كان ذلك الخلاف المشهور بين حكومة تونس والجزائر في شأن الحدود فكان هناك قتال بين الطرفين انتصر فيه الجزائريون ثم وقع الاتفاق من الجانبين على جعل نهر سراط كحد فاصل للتخوم الجزائرية الشرقية.
وبسعي هذا الباشا وقع عتق الكثير من الأسرى المسلمين الذين هم بفرنسا وأظهرت الدولة الفرنسية يومئذ تقربا من الحكومة الجزائرية فاستجابت لعتق الأسرى ولم تشترط في مقابلة ذلك سوى تأمين مراكبها واحترام أهلها ثم نفضت غزلها وأخلفت وعودها فأبطلت المفاوضات وتعطل المشروع وجاء أسطول الدوك دوكير فانتهب من الجزائر مائتي أسير.
وتخلّى الباشا المذكور عن منصبه فتولى مكانه خرناجي حسين سنة 1023هـ / 1616م ولكننا لا نعلم عن سيرته شيئا.
ويذكر بعض مؤرخي الافرنج أن الجزائر حصلت في هذه الفترة على ما يزيد عن ثلاثة ملايين ليرة مغنما، واتّخذ الناس يومئذ البنايات الفاخرة والقصور الضخمة الجميلة.
ولاية سليمان قاطا نيالي باشا:الظاهر أن أصله من مدينة "قاطانيا"، بصقلية وكان تعيينه لمنصبه هذا بالجزائر في اليوم الثاني من شهر رمضان المعظم سنة 1026هـ ـ 3 ستبمبر 1617، وفي أيامه تظاهرت الدولة الفرنسية بمظهر الصداقة للجزائر وأخذت مصانعة الباشا وجاءت بعتق طائفة من الأسرى كتكفير لما سلف منها من المخالفات فصانعها الباشا بالمثل، والحرب خدعة....!
حتى إذا اكتمل نزول الأسرى بمدينة الجزائر انبري الأتراك حينئذ إلى مهاجمة مركز القالة الفرنسي فهدموه انتقاما لما سبق من فرنسا حتى لم يبقو ا فيه حجرا على حجر وأسروا أهله، وفي هذه السنة دفعت فرنسا تحسين سفينة مقاتلة بهذا البحر.
وفي أيام سليمان هذا بلغت أساطيل الجزائر بقيادة مراد رايس إلى جزيرة مادير بالمحيط الأطلنطيكي بل وإلى شواطىء جزيرة ايزلاندة بأعلى الشمال فعادت بغنائم كثيرة.
ثم كانت وفاة الباشا يوم الأربعاء ودفن يوم الخميس، جمادي الثانية سنة 1027 هـ ـ فاتح جوان 1618م.
http://www.elmoustakbel.net/content/view/416/92/